ولد ابن المبارك في السنة 118 هـ في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك وكانت أمه خوارزمية فطلب العلم وهو ابن عشرين سنة فأقدم شيخ لقيه هو الربيع بن أنس الخراساني تحيل ودخل إليه إلى السجن فسمع منه نحوا من أربعين حديثا ثم ارتحل في سنة إحدى وأربعين ومئة وأخذ عن بقايا التابعين وأكثر من الترحال والتطواف وإلى أن مات في طلب العلم وفي الغزو وفي التجارة والإنفاق على الإخوان وتجهيزهم معه إلى الحج، وعاش إلى سنة 181 هـ حيث توفي في خلافة هارون الرشيد.
[عدل] علمه
اتفقت جميع المصادر على أنه كان طلاّباً للعلم نادر المثال، رحل إلى جميع الأقطار التي كانت معروفة بالنشاط العلمي في عصره. فيه يقول عبد الرحمن بن أبي حاتم: «سمعت أبي يقول: كان ابن المبارك ربع الدنيا بالرحلة في طلب الحديث، لم يدع اليمن ولا مصر ولا الشام ولا الجزيرة والبصرة ولا الكوفة»، وقد شهد له أحمد بن حنبل بذلك أيضاً.
كان ابن المبارك يقول: «خصلتان من كانتا فيه نجا: الصدق، وحب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم». و قد كان ينشد العلم حيث رآه ويأخذه حيث وجده، لا يمنعه من ذلك مانع، كتب عمن هو فوقه، وعمن هو مثله، وتجاوز ذلك حتى كتب العلم عمن هو أصغر منه. وقد روي أنه مات ابن له فعزاه مجوسي فقال: ينبغي للعاقل أن يفعل اليوم ما يفعله الجاهل بعد أسبوع. فقال بن المبارك : اكتبوا هذه.
بلغ به ولعه بكتابة العلم مبلغاً جعل الناس يعجبون منه، فقد قيل له مرة: كم تكتب؟ قال: لعل الكلمة التي أنتفع بها لم أكتبها بعد. وعابه قومه على كثرة طلبه للحديث فقالوا: إلى متى تسمع؟ فقال إلى الممات. وعمل على جمع أربعين حديثا وذلك تطبيقا للحديث النبوي القائل: (من حفظ على أمتي أربعين حديثاً من أمر دينها بعثه الله تعالى يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء)
[عدل] من شعره
يقول في الجهاد في سبيل الله، أنه أفضل العبادات، وأنه أليق بالمسلم من العكوف في زاوية المسجد وترك الثغور مفتوحة أمام العدو، ومن ذلك ما حدث به محمد بن إبراهيم بن أبى سكينة قال: أملى علي بن المبارك بطرسوس – ثغر من ثغور الروم– ورقة إلى الفضيل بن عياض في سنة سبع وسبعين ومئة فيها الأبيات التي أولها يا عابد الحرمين لو أبصرتنا .... لعلمت أنك بالعبادة تلعب
[عدل] من أقواله وحكمه
الدنيا سجن المؤمن، وأعظم أعماله في السجن الصبر وكظم الغيظ، وليس للمؤمن في الدنيا دولة، وإنما دولته في الآخرة!
ليس من الدنيا إلا قوت اليوم فقط
سئل عن قول لقمان لابنه: ( إن كان الكلام من فضة فإن الصمت ذهب)، فقال: معناه لو كان الكلام بطاعة الله من فضة، فإن الصمت عن معصية الله من ذهب!!
كان يكثر الجلوس في بيته فقيل له: ألا تستوحش ؟ فقال: كيف أستوحش و أنا مع النبي وأصحابه؟
كان يعتزل مجالس المنكر واغتياب الناس فقيل له: إذا صليت معنا لم لا تجلس معنا؟ قال: أذهب مع الصحابة والتابعين. قيل له: ومن أين الصحابة والتابعون؟ قال: أذهب أنظر في علمي فأدرك آثارهم وأعمالهم، فما أصنع معكم وأنتم تغتابون الناس!
كما كان مستجاب الدعوة، فقد دعا للحسن بن عيسى وكان نصرانياً: اللهم ارزقه الإسلام، فاستجاب الله دعوته فيه.
[عدل] رؤى الناس في حقه
قال زكريا بن عدي: رأيت بن المبارك في المنام فقلت: ما فعل الله بك ؟ قال: غفر لي برحلتي في الحديث! ورؤى الثوري في المنام فقيل له: ما فعل الله بك ؟ قال: رحمني .. فقال له: ما حال عبد الله بن المبارك ؟ فقال: هو ممن يلج على ربه كل يوم مرتين ..
هذا ما رآه الصالحون و (رؤيا المؤمن جزء من ست وأربعين جزءاً من النبوة) كما يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم. فرحمة الله ورضي عنه وما أصدق قول الشاعر فيه:
جمال ذي الأرض كانوا في الحياة، وهم ...... بعد الممات جمال الكتب والسير ( نظرت في أمر الصحابة وأمر بن المبارك ، فما رأيت لهم عليه فضلا إلا بصحبتهم النبي وغزوهم معه) هذا ما قاله ابن عيينه